قبل ثلاثة أو أربع سنوات لا أعلم بالضبط كان أحد معارفي الحميمة مسؤولا عن أحد مشاريع أبراج المياة في أحد المناطق الجديدة وبصفة رقابية. كان يشكي لنا ما يراه من اهمال متعمد بهدف تقليل التكاليف وبالشكل الذي يخالف لوائح السلامة بشكل صارخ. بصفته مراقبا على الموقع دوّن المخالفات وبعثها الى الأعلى حسب السلم الوظيفي. زاد استيائه يوم بعد يوم باستمرار هذه المخالفات الواضحة بل وتمادي المقاول واستهزاء مسؤول العمال المصري باللوائح ونظم العمل بشكل عام. من ضمن الأعمال الغير مطابقة للشروط -وبعلم الوزارة- نسب مكونات الاسمنت وطبقاته حيث ان بالنهاية برج الماء "يخر ماء"! طبعا عولج الأمر بمناقصة صيانه لنفس المقاول... وبدون جزاء للمتسبب أساسا.
استمر هذا المشروع بنفس الاسلوب وبنفس عدم الإلتزام بشروط السلامة وبعدم الإلتزام بالعدد المحدد من العمال ولا بأساليب العمل المشروطة الى أن أتى يوم وسقطت رافعة الـ"كرين" وتسببت بقتل رجلين أسيويين واصابة مجموعة أخرى من الرجال بإصابات متفاوتة الخطورة. من ضمن مسببات الحادث ما ذكره المهندس المراقب بتقاريره الساقطة على أذن من عجين. حينها انفجر. استغل اتيان الوزير ووكلائه وبعض افراد الحكومة -لزوم التصوير- لموقع الحدث ليسلم نسخ من تقاريره الماضية للوزير مباشرة تحت نظرات عدم الموافقة من قبل رؤسائه المباشرين ويطلب موعد من الوزير ليبين له أوجه النقص ومسببات الحادث بأكثر تفصيل من ما يمكن شرحه أمام الكاميرات. استقبل الوزير التقارير و"تبوسم" له... وللكاميرات. بعد الحادث ومقابلة الوزير بالموقع انتظر المراقب تحديد موعد للمقابلة وانتظر ولم يحدد. ذهب لمكتب الوزير شخصيا فقط ليجده في "اجتماعات" أبدية. لم يقابله. فهم المهندس. حاول معرفة ما حل بالتقارير. لهولته وهولتنا نحن أقاربه... مصير التقارير الدرج.
لا داعي للتساؤل كيف تقتل المواهب والروح الانتاجية بالكويت.
المقاول: شركة الخرافي.
تذكرت هذه الحاثة السوداء لأوجه الشبه بينها وبين الجريمة الصحية بمحطة مشرف ومسؤولية الحكومة واشرافها على المقاول وقصوره منذ تسليم المشروع للحكومة. أغلب المضخات في المحطة لم تعمل منذ البداية ولم تعمل الوزارة المختصة شيئا. تدهورت الحال وتهدهورت الى أن حصل ما حصل. وما حصل هو لنا جميعا ولصغارنا بالمعنى الحرفي للكلمة.
يعلم المتابع لفشل الإدارة العامة للدولة أن الخرافي يتمتع بكارت بلانش في الكويت كعائدا على استثمارات سياسية قدمها للسلطة درت عليه بدعم السلطة -وليس الحكومة- وفتحت له خزنة الدولة ومناقصاتها. التنفع التجاري بالسياسة ليس بأمر جديد ولا تختص به الكويت لكن أن تصل هذه الأمور درجة التسيب المتعمد بسبب ضمان تهاون السلطة معه أمر لا يقبل! منا نحن الشعب على الأقل. وصلت بالخرافي الوقاحة بدعم دول -لاحظوا "دول"- على حساب الكويت. منها العراق ولبنان. كما يعلم المتابع للسياسة الداخلية بالكويت أيضا الضعف النسبي للعائلة الحاكمة بحم انشقاقات داخلية والضرب بالعلن بسبب هذه الانشقاقات وغيرها من أسباب لن نتطرق لها حاليا. في هذه الأجواء يحمي الكيان الخرافي استثماراته السياسة بطريقة الدعم لأطراف من الأسرة ضد أطراف أخرى أي التدخل في الأسرة الحاكمة ذاتها. يفعل ذلك لضمان استمرارية المنهج الحالي من فساد يمكنه من استمرار عهد الخرافي الذهبي. أنه يستثمر في أمثال أحمد الفهد ويعلم الجميع من هو أحمد الفهد بالنسبة للفساد الكويتي -لاحظوا الكيان الخرافي الآن يدعم أطراف من الأسرة الحاكمة بعد ما كان يدعم من قبلها ولا زال طبعا.
لا ألوم الكيان الخرافي في الكويت إن فوجئ قبل فترة بتصريحات النائب مسلم البراك ضدهم وبكل صراحة فهم لم يعتادوا الى أي كائن للتعرض لعظمتهم. ردوا عليه بردود أقبح من الأفعال بأنهم فعلوا من أجل الكويت وفعلوا وفعلوا وكأنها صدقات جارية وليست بأعمال تجارية ويجانبهم الحلال بأغلبها. بعد حرب التصريحات بين النائب وبين الكيان الخرافي استنفرت الدمى الحكومية داخل المجلس ضد استجواب قدمه النائب مسلم البراك لوزير الداخلية (وزير اللوحات بو خمسة مليون) كما استعرض الكيان الخرافي قوته داخل المجلس ليضرب عصفورين بحجر... ضرب البراك انتقاما والاستعراض للسلطة بأنه هو أيضا يملك وزن داخل المجلس وخارجه وانه ووزنه مع السلطة (حتى الآن).
أتساءل اذا كان الخرافي في العهد الحالي يقدر على امتلاك البوصة تقريبا بأكملها ونسب متحكمة بأكبر الشركات بها من شركات اتصالات وبنوك وشركات استثمار والتأثير على الاقتصاد سياسيا وتجاريا وفرض الرقابة الفعلية على الصحف مثل ما حصل حين خرج المدونون بحملة "لا للخرافي" واليوم أيضا في حال محطة مشرف وغيرها من تجاوزات لا تحصى... ماذا سوف تكون الحال بالعهد القادم وبالضعف المتوقع للسلطة كما هي المؤشرات الآن؟
بعد ما سمعنا "بابا جاسم من عمر عرفناه" في انتخابات ماضية بدون أن يحرك ساكن بوجه هذا الاستهزاء والكبرياء... هل سوف نسمع "وطني الكويت سلمت للخرافي"؟
هل شركة الخرافي داخل دولة الكويت...
أم دولة الخرافي داخل شركة الكويت؟
______________
مقالات ذو علاقة خلال 24 ساعة من الكتابة...
"... وفجأة ظهر احمد الفهد فهاج الجمهور وماج وملأ التصفيق والصفير قاعة السينما..."
"... الأسلوب التنفيعي في ترسية المناقصات والتساهل والتسيب في التعامل مع بعض الشركات، التي تكررت مخالفاتها، وغياب الرقابة الفعالة عليها..."
"... اجتماعا حضره المئات في جمعية المحامين..."
"... العتيبي: صراعات الأسرة جزء من الفساد وتكريسه وانتشاره..."